أحوالنا

زينب إسماعيل تكتب: لعله اللقاء الأخير

زينب إسماعيل
زينب إسماعيل

الأربعاء القادم تمر الذكري الواحد والثلاثون لوفاة أغلي الناس "أمي"  في هذا اليوم استيقظت مبكرة كعادتي وأيقظت أمي وقلت لها في عصبية اصحي ياماما بدري عشان أنا سوف اذهب الي بابا في المستشفي – وكان أبي بين الحياة والموت –وقلت لها خدي تاكسي ومش حقدر استناكي.

ذهبت مسرعة الي ابي وكان معي ترمس شاي لأشربه مع أبي ، ووصلت الي المستشفي بالمهندسين والتي اختارتها امي لأبي إعتراضا منها أن يعالج في مستشفي الجمهورية الشهيرة في عابدين والقريبة من مسكننا - المهم اني عندما وصلت الي المستشفي وقبل أن أصل لأبي سقط ترمس الشاي الجديد الذي اشترته امي وكان اول استخدام له وانزعجت – واعتبرته نذير شؤم - واتصلت بأمي وكانت استيقظت وقلت لها بأدب وذل  بعيدا عن العصبية أنا كسرت الترمس فضحكت وقالت معلش وانا جاية في الطريق حتي لاتتأخري عن عملك وانتظرت أمي وطال الإنتظار حتي جاءني تليفون من شقيقتي أومن شقيقي يقول أن ماما في مستشفي الجمهورية ! هرولت الي المستشفي ونسيت أبي الذي فزع من تصرفي ووجدت أمي هناك بين الحياة والموت نتيجة حادث بجوار المنزل وذلك اثناء انتظارها للتاكسي!.

ماتت أمي في الساعة الخامسة من مساء نفس اليوم الذي كانت ذاهبة فيه الي أبي - في مستشفي الجمهورية التي أبت أن يدخلها أبي أعتقادا منها أن العلاج فيها مش كويس - سبحان الله عدنا الي أبي ولم نخبره لسوء حالته ولمدة ثلاثة أيام كان يسال عنها وأخبرناه بعد ما اعطاه الطبيب نوعا من المهدئات حتي يتحمل قلبه الضعيف الخبر دون مضاعفات صحية .. ماتت أمي في مساء نفس اليوم قبل أن أعتذر لها عن عصبيتي معها في الصباح ، ماتت وتركتني ألوم نفسي لماذا لم أنتظرها وتأتي معي في  سيارتي- وكان عذري أني آثرت العجلة لأجلس مع أبي قبل الذهاب الي العمل - .. ماتت ولم أكن أعلم أنه اللقاء الأخير معها وكلماتي الأخيرة لها .. ولكن هيهات أن يعيد اللوم من مات أو أن يغير شيئا من أقدار الله ولا حول ولا قوة الا بالله وسبحان من له الدوام .. ماتت وهي في كامل صحتها ولم تكمل عامها ال52 .. الخلاصة مع إستحضاري ذكري أمي لا أجد خيرا من نصيحة "الشبع " ليس من الطعام والشراب ولكن  االشبع من بعضنا البعض فالموت لا يعطي إنذارا ، فلا أحد يعلم متى سيكون آخر تواصل أو لقاء ، تحملوا الهفوات حتي لا تتحول سببا في القطيعة ، وعليكم بالتغافل فإن كلمة " يا ليت " لن تُعيد الذي رحل واجتنبوا العتاب لأنه يزيد الكراهية وتسامحوا واغتنموا اللحظات الجميلة فإنها لن تعود ، ووقتها نقول ياريت اللي جري ما كان  !!